تَلبِيسُ إبِليس
"تخيل أن عدوّك الخفي يلبس عليك الحق، فتسير في الباطل وأنت تظنه طريق الهُدى!
في تلبيس إبليس، يكشف الإمام ابن الجوزي كيف يخدع الشيطان كل فئة من الناس بما تحب.
العابد بالورع الكاذب، والعالِم بالشهرة، والعامي بالخرافة، والمثقف بالتأويلات الباطلة.
كتاب لا يكتفي بوصف المرض، بل يفضح الجذور، ويكشف الحيل، ويصف لك طريق النجاة خطوة بخطوة.
إنه دعوة للاستيقاظ، للرجوع إلى الصواب، ولكشف الغطاء عن أكبر مؤامرة في حياة الإنسان:
أن يُزيّن لك الشيطان الباطل في صورة الحق، حتى تمضي في طريق الهلاك، وأنت تظن أنك تقترب من الجنة!"
فإن أردت النجاة، فابدأ من هنا… واعرف كل شيءٍ عن تلبيس إبليس.
كشف مكايد الشيطان:
يوضح الكتاب كيف يُلبّس إبليس على الناس الحق بالباطل، ويغويهم حسب علمهم وجهلهم، ومنزلتهم في الدين والدنيا.
التلبيس بحسب الفئات:
يستعرض ابن الجوزي كيف يُضلّ إبليس العلماء، الفقهاء، المتعبدين، الملوك، الصوفية، العوام، الفلاسفة، وحتى الزهاد.
الجهل باب الشيطان الأعظم:
يؤكد أن أكبر منفذ يدخل منه إبليس هو الجهل، أما العالِم فلا يصل إليه إلا بالمسارقة.
البدع والغلو والتقصير:
يكشف كيف يستخدم إبليس الغلو في العبادة أو التقصير فيها كوسيلة لإفساد الدين.
خداع العوام بالظاهر والكرامات:
يشير إلى أن كثيرًا من الناس يُفتنون بالشكليات أو الكرامات المزعومة، بينما الحق في العلم والعمل الصحيح.
تحليل نفسي وروحي عميق لكيفية دخول الشيطان إلى القلب والعقل والسلوك.
أمثلة واقعية كثيرة على أناس انحرفوا وهم يظنون أنهم على صواب، منهم علماء وزهاد وعامة.
بيان دقيق لحيل الشيطان في كل مرحلة من حياة الإنسان: من الشهوة، إلى الغفلة، إلى الحسد، إلى الرياء…
تفنيد الانحرافات العقدية والسلوكية والفكرية المنتشرة في عصر المؤلف (ولا تزال في عصرنا!)
دعوة صريحة للثبات على السنة والاعتدال، وعدم الانخداع بالمظاهر أو بالكثرة أو بالبدع المستحدثة.
نقاش نقدي للفرق والتيارات المنحرفة كالفلاسفة، والباطنية، والكرامية، والقدرية، وغيرها.
أسلوب حيوي مليء بالقصص، الأمثلة، والنقول عن السلف الصالح.
تلبيس إبليس هو كتاب فريد في بابه للإمام ابن الجوزي، خصصه لفضح حيل الشيطان وطرقه الخفية في إضلال البشر، بأسلوب علمي، سلوكي، ونقدي، يجعل القارئ أكثر وعيًا بمداخل الغواية ومخارج النجاة.
يركز ابن الجوزي على أن الشيطان لا يأتي الإنسان بالشر الواضح، بل يزيّنه له، ويلبسه ثوب الخير، حتى يقع فيه وهو يظن أنه على هدى. وهذه هي أعظم حيل إبليس: أن يُضلّك وأنت تظن أنك على الطريق الصحيح.
ينقسم الكتاب إلى أبواب، يعرض فيها كيف يلبّس إبليس على فئات مختلفة من الناس:
– على العلماء: بتزيين الجدل، وحب الظهور.
– على العباد: بالغلو أو بالرياء.
– على الصوفية: بادّعاء المكاشفات والكرامات.
– على العوام: بالخرافات والتقليد الأعمى.
– على الملوك: بالظلم والتجبر.
– بل حتى على الزهاد: بالتقصير في العلم، أو التنطع في السلوك.
يناقش كذلك كيف تستغل البدع، والانحرافات الفكرية، والجهل بالدين، لفتح أبواب التلبيس على نطاق واسع، وكيف أن العلم الصادق، والاتباع الواعي للسنة، والاعتدال في الدين، هي وسائل النجاة من هذا التلبيس.
"تلبيس إبليس" ليس مجرد تحذير من الشيطان، بل مرآة يكشف فيها الإنسان نفسه، ليتفقد نواياه، ويُراجع عباداته، ويتيقن من طريقه إلى الله، دون أن يكون فريسة للغرور أو الانحراف المستتر بثياب الصلاح.
الإقتباسات
“إنّ أهلَ السُنّةِ همُ المُتَّبِعُون، وإنّ أهلَ البِدْعةِ همُ المُظْهِرون شيئًا لم يكن قبلُ ولا مستندَ لَهُ، ولهذا استتروا ببدعتِهم، ولم يَكتُمْ أهلُ السُنّةِ مذهبَهم، فَكَلِمتُهُم ظاهرةٌ ومذهبُهم مشهورٌ والعاقبةُ لهم.“
“ فمتى سوّل الشيطانُ للإنسانِ أمرًا، فينبغي أن يَحذرَ مِنْهُ أشدَّ الحذرِ، ولْيقُلْ لَهُ حين أمرِهِ إياهُ بالسوءِ: (إنما تريدُ بما تأمرُ به نُصحي ببلوغي شهوتي، وكيف يتضحُ صوابُ النُصحِ للغيرِ لمن لا ينصحُ نفسَه؟ ثم كيف أثقُ بنصيحةِ عدوٍّ؟ فانصرِفْ، فما فِيَّ لقولِك منفذٌ). فلا يبقى إلا أنه يستعينُ بالنفسِ لأنه يَحُثُّ عَلَى هواها، فليستحضرِ العقلَ إِلَى بيتِ الفكرِ فِي عواقبِ الذنبِ، لعل مددَ توفيقٍ يَبعثُ جُندَ عزيمتِه، فيهزمُ عسكرَ الهوى والنفس.“
“ واعلمْ أنّ القلبَ كالحصنِ، وعلى ذلك الحصنِ سُورٌ، وللسُورِ أبوابٌ، وفيه ثُلَمٌ - أي غُرَفٌ - وسَاكنُه العقلُ، والملائكةُ تتردّدُ إِلَى ذلك الحصنِ، وإلى جانبِه رَبَضٌ - أي مكانٌ يُؤوَى إليه - فيه الهوى، والشياطينُ تختلفُ إِلَى ذلك الربضِ من غيرِ مانعٍ. والحربُ قائمةٌ بين أهلِ الحصنِ وأهلِ الربضِ، والشياطينُ لا تزالُ تدورُ حولَ الحصنِ، تطلبُ غفلةَ الحارسِ والعبورَ من بعضِ الثُلَمِ، فينبغي للحارسِ أن يعرفَ جميعَ أبوابِ الحصنِ الذي قد وُكِّل بحفظِه وجميعَ الثَلَمِ، وألّا يفتُرَ عن الحراسةِ لحظةً، فَإِن العدوَّ مَا يفتُرُ.“
“ وكما لَبَّسَ إبليسُ على هؤلاءِ الخوارجِ حتى قاتلوا عَلِيَّ بنَ أبي طالبٍ، حَمَل آخَرين على الغلوِّ فِي حبِّه فزادوه على الحدِّ، فمنهم مَن كان يَقُولُ: "هو الإلهُ"، ومنهم من يَقُولُ: "هو خيرٌ من الأنبياءِ"، ومنهم مَن حَمَلهُ على سَبِّ أبي بَكْرٍ وعُمرَ، حتى إنّ بعضَهم كَفَّر أبا بَكْرٍ وعمرَ، إِلَى غيرِ ذلك منَ المذاهبِ السخيفةِ“
“ وقد يتخلّصُ العلماءُ الكاملون من تلبيساتِ إبليسَ الظاهرةِ، فيأتيهِم بِخَفيٍّ من تلبيسِه، بأن يَقُولَ لَهُ: مَا لقيتُ مثلَك، ما أعْرفَكَ بمداخلي ومخارجي. فإن سكن إِلى هذا هَلَك بالعُجبِ، وإن سَلِم مِنَ المسألةِ له سَلِمَ.“
“ إنّ البابَ الأعظمَ الذي يدخلُ مِنْهُ إبليسُ على الناسِ هو الجهلُ، فهو يدخلُ منه على الجهّالِ بأمانٍ، وأما العَالِم فلا يدخلُ عَلَيْهِ إلا مُسَارقةً، وقد لبَّسَ إبليسُ على كثيرٍ من المُتعبِّدين بقلّةِ علمِهم، لأنّ جمهورَهم يشتغلُ بالتعبدِ ولم يُحْكِمِ العلمَ.“
“ وقد لَبَّس إبليسُ على خلقٍ كثيرٍ من الجُهّالِ المُتَعبّدين، فرأَوا أنّ العبادةَ هي القيامُ والقعودُ فحسبُ. وقدْ تأملتُ جماعةً يُسلِّمون إذا سلَّم الإمامُ وقد بقيَ عليهم من التشهُّدِ الواجبِ شيءٌ، وذلك لا يحملُه الإمامُ عنهم، ولَبَّس على آخَرينَ منهم فهم يُطيلون الصلاةَ ويُكثرون القراءةَ، ويتركون المَسنونَ فِي الصلاةِ ويرتكبون المكروهَ فيها.“
“ إنّ الدنيا لا تُذَّمُ لذاتِها، وكيف يُذمَّ مَا مَنَّ اللَّهُ تعالى به، وما هو ضرورةٌ فِي بقاءِ الآدميِّ، وسببٌ في إعانتِه على تحصيلِ العلمِ والعبادةِ مِن مَطعمٍ ومَشربٍ ومَلبسٍ ومسجدٍ يصلِّي فيه. وإنما المذمُومُ أخذُ الشيءِ مِن غيرِ حقِّهِ أَوْ تناولُه على وجه السرَفِ لا على مقدارِ الحاجةِ.“
“ واعلمْ أنّ الفقرَ مرضٌ، فمنِ ابتُليَ به وصبر، أُثيب على صبرِه، ولهذا يدخلُ الفقراءُ الجَنةَ قبلَ الأغنياءِ بخَمسِمئةِ عامٍ، لمكانِ صبرِهم على البلاءِ. والمالُ نعمةٌ والنعمةُ تحتاجُ إِلَى شكرٍ.“
“ الغناءُ يَحثُّ عَلَى الزنا، فَبينَ الغناءِ والزنا تَناسُبٌ من جهةِ أنّ الغناءَ لذةُ الرُّوحِ، والزنا أكبرُ لذاتِ النفسِ، ولهذا جاء فِي الحديثِ: الغناءُ رُقيةُ الزنا.“
“ سُئلَ أَحْمَدُ بنُ حنبلَ عَنِ التوّكلِ فقال إنّ التوّكلَ حسنٌ، ولكنْ ينبغي أن يكتسبَ ويعملَ حتى يغنيَ نفسَه وعيالَه ولا يتركَ العملَ، وقال عنْ قومٍ لا يعملون ويقولون نحن المتوكلون: إنّهم مُبتدعون.“
“ قال حسنٌ أخو سِنانٍ: "كنتُ أسلُكُ طريقَ مكةَ فتدخلُ فِي رِجلي الشوكةُ، فيمنعني مَا أعتقدُه من التوكلِ، أن أُخرجَها مِن رِجلي، فأدلُك رِجلي على الأرضِ وأمشي". انظُرْ إلى ما يصنعُ الجهلُ بأهلِه، فمَن ذا الذي أمرَه ألا يُخرجَ الشوكَ من رجلِه؟ وأيُّ طاعةٍ تقعُ بهذا؟ فلو أنّ رجلَه انتفخت بما يبقى فيها من الشوكِ وهَلَكَ، كان قد أَعَانَ على نفسِه، وأين التوكلُ من هذه الأفعالِ المخالفةِ للعقلِ والشرعِ؟“
“ قال زهرونُ: "كلّمني الطيرُ، وذاك أنّي كنت فِي الباديةِ فَتُهتُ فرأيتُ طائرًا أبيضَ، فقال لي: يا زهرونُ أنت تائِهٌ، فقلتُ: يا شيطانُ غرَّ غيري، فقال لي: أنتَ تَائِهٌ، فقلتُ: يا شيطانُ غرَّ غيري، فوثب فِي الثالثةِ وصار على كَتِفي وقال: "مَا أنا بشيطانٍ، أنت تَائِهٌ، أُرسلتُ إليك"، ثم غاب عني.“
“ ومِن تلبيسِه عليهم، تقديمُهم المتزهدين على العلماءِ، فلو رأَوا جُبّةً صوفٍ على أجْهلِ الناسِ عظّموه، خصوصًا إذا طأطأ رأسَه وتخشّع لهم، ويقولون أين هذا من فلانٍ العالمِ، ذاك طالبُ الدنيا وهذا زاهدٌ لا يأكلُ عنبةً ولا رُطَبةً ولا يتزوجُ قطُّ، جهلًا منهم بفضلِ العالمِ على الزاهدِ، ومِن نعمةِ اللَّهِ سبحانه وتعالى على هؤلاء أنّهم لم يدركوا رسولَ اللَّهِ، إذ لو رأَوه يُكثرُ التزويجَ، ويصطفي السبايا، ويأكلُ لحمَ الدجاجِ، ويحبُّ الحلوى والعسلَ، لم يُعَظَّمْ في صدورِهِم.“
““
قد يعجبك قرائتها ايضا